مسجد البدية
على ضفاف شواطئ الساحل الشرقي وبالتحديد شمال غرب مدينة الفجيرة بخمسة وثلاثين كم تقع منطقة البدية والتي جاء اسمها من (البدي) وهو بئر الماء، وهي من المناطق السياحية الأثرية المهمة في الإمارات، وجاءت شهرتها من تاريخها الضارب في الأعماق، والمتجسد في مسجدها العتيق الذي يرجع تاريخ بنائه إلى عام 1446 للميلاد، وهو أقدم مساجد الدولة القائمة على الإطلاق، كما يقول أحمد خليفة الشامسي، رئيس هيئة الفجيرة للسياحة والآثار، مضيفاً إن تاريخ هذه المنطقة يرجع إلى الألف الثاني قبل الميلاد كما تشير بعض الحفريات التي تم العثور عليها في هذه المنطقة ومبانيها القديمة شاهد على العمق التاريخي للبدية، فالقلعتان المحيطتان بالمسجد واللتان تعانقان السماء، ويحيط بهما النخيل، وتنتصبان على المرتفع الجبلي المطل على المصلى، هاتان القلعتان يعود تاريخ بنائهما إلى أكثر من 300 سنة، وتم ترميمهما مع المسجد عام 2006 وهما يظهران صلابة البنيان ومدى اهتمام الأولين ببناء الحصون والقلاع ودور العلم والعبادة، فالقلعتان، بالإضافة إلى دورهما في صد الأعداء والمهاجمين، يتم كذلك من خلالهما رؤية أحياء البدية ومناظرها البديعة، وبالأخص نخيلها المزروعة على شواطئ البدية الذهبية، ومن هذين المعلمين يتمكن الرائي من مشاهدة زرقة البحر، ومتابعة الصيادين وهم يمارسون مهنة الأجداد، حيث اشتهر أهل البدية منذ القدم بالزراعة وصيد السمك، ولا يزالون يحافظون على هاتين المهنتين بكونهما إرثا أصيلا من تاريخ المنطقة.
مع مرور الأيام ازدادت أهمية البدية وشيدت بها المدارس مع مركز صحي وآخر للشرطة، كما تقوم جمعية البدية للثقافة والفنون والمسرح بنشر الثقافة والوعي البيئي، من خلال تنظيم المحاضرات والندوات والاحتفال بالمناسبات الوطنية .
وموقع البدية الاستراتيجي المهم على طريق دبا خورفكان، جعلها قبلة للسياح الباحثين عن اكتشاف الطبيعة وأغوار التاريخ، كما ساهم سوق البدية والمعروف بسوق الخميس والذي يعرض كافة أنواع الخضار الفواكه الطازجة، والتي يأتي معظمها من مزارع البدية والمناطق المحيطة بها في تعزيز الحركة السياحية، حتى أصبح السوق من ضمن الأسواق الرئيسية في بيع المنتجات المحلية، فضلا عن سوق السمك الذي يأتيه المستهلكون من معظم مناطق الساحل الشرقي، ويعد مزودا رئيسيا للفنادق القريبة من البدية.
كما تم توسيع سوق البدية ليشمل قسما خاصا لعرض وبيع السجاد والفخار والشتلات الزراعية، مما زاد من حركة النشاط والتردد على هذه المنطقة ؛ لتواصل البدية تألقها وحضورها الدائم في الساحل الشرقي.
